المحور الثالث: دور الإنسان في التاريخ
إشكال المحور
إذا كان الإنسان لايمكنه العيش خارج التاريخ، وهذا الأخير لا يمكن أن ينتج دون تدخل للإنسان. من ينتج التاريخ إذن، الإنسان أم الحتميات والضرورات الكبرى؟ بمعنى آخر، هل الإنسان فاعل في التاريخ أم أنه مجد مفعول به؟
معالجة الإشكال
أهم الأطروحات
أطروحة "هيجل"
قد مثل هيجل لعلاقة الإنسان بالتاريخ بقشور الفاكهة، فكما أن الفاكهة نرمي بقشورها لمجرد أكل ما بداخله. نفس الشيء مع عظماء التاريخ، فهم مجرد منفذين لإرادة التاريخ، وسرعان ما يتخلى عنهم بمجرد نفاد دورهم، وذلك ما يسميه بمكر التاريخ. إذن واضح أن التاريخ ليس نتاج الإنسان، فهذا الأخير مجرد وسيلة في يد التاريخ يوظفها من أجل السير نحو غاياته، فليس الإنسان سلطة لإرغام. التاريخ على السير في هذا الاتجاه أو ذاك، فقدر التاريخ والإنسان هو السيرمعا من أجل حتمية لا يمكن يحيد عنها، وتتمثل في الوصول إلى المطلق، أي قدرة الإنسان على معرفة القضايا الميتافيزيقية.
أطروحة "جون بول سارتر"
يعترض سارتر على كل المواقف التي تنظر للإنسان على أنه كائن سلبي، وتعتبر نتاج شروط وحتميات مرتبطة به أو بعيدة عنه، فهو يرى أنه لا يمكن أن نعتبر الإنسان مجدر متلق سلبي لا دور ولا تأثير له في حركة التاريخ، كما لا يكمن إفراغ التاريخ من مجهودات الإنسان الطامح نحو تسخير عالم الأشياء لصالحه. فالتاريخ منتوج بشري صرف، لأن إفراغ التاريخ من مسؤولية الإنسان من شأنه أن يجعل الوجود بدون معنى. كما أنه سيفتح المجال أمام قوى غيبية لا وجود لما هو عقلي ومنطقي فيها للسيطرة على التاريخ، إن التاريخ ليس نتاج شروط مادية كما ادعى ماركس ولا نتاج ما هو مثالي كما يرى هيجل بل نتاج الإنسان.
تركيب
إن استمرارية الأحداث التاريخية ووقوع أخرى خارقة يجعنا نعتقد أن التاريخ محبوك من ذي قبل، وأن الإنسان لا دخل له فيه، وإنما هو مجرد منفعل بما يحدث داخل التاريخ. لكن قدرة الإنسان على السيطرة ولو نسبيا على الوقائع التاريخية بل التخطيط والتنبؤ وكذا اكتشاف قوانين الطبيعة يجعنا نميل إلى أن الإنسان هو الفاعل الرئيسي في أحداث التاريخ، وأن هذا الأخير لا مجال فيه للصدفة، فكل شيء محدد من طرف الإنسان.
