المحور الأول: التجربة والتجريب
التجربة: تحيل على ملاحظة الظاهرة كما تحدث في الطبيعة. أو قل هي التي يكتسبها الإنسان من خلال علاقته المباشرة بالواقع.
التجريب: إعادة إحداث الظاهرة مختبريا، أي يتدخل العالم لإحداث التغييرات والتفاعلات.
إشكال المحور
ما طبيعة العلاقة بين التجربة والتجريب؟ وهل التجربة العلمية كافية في دراسة الواقع أم أنها في حاجة إلى الفكر والخيال؟
أهم الواقف
موقف "كلود برنار"
يرى "برنار" أن معرفة قوانين الطبيعة تستوجب اتباع خطوات دقيقة وهي خطوات المنهج التجريبي، المتكون من الملاحظة والتي يجب أن تكون منظمة دقيقة وليست عفوية، ومن ذلك تتولد الفرضيات التي هي بمثابة إجابات مؤقتة قد تكون صحيحة كما يمكن أن تكون خاطئة، ولأجل اختبارها للتيقن منها يجب اعتماد التجربة والتي تشكل لحظة اختبار الفرضيات للاحتفاظ بالصحيحة منها، والتي ستشكل قانونا مفسرا للظاهرة.
إن لهذا الموقف قيمة معرفية من حيث دعوته للتركيز على منهج علمي قائم على خطوات دقيقة ويمكن من قوانين ثابتة، ويحول دون تدخل الذات لإسقاط مشاعرها وأفكارها على موضوع البحث، الشيء الذي أنتج أفكار علمية دقيقة قابلة للتكميم والتعميم وليست أفكار خاصة بفرد بعينه.
موقف "روني طوم"
ينتقد روني طوم القائلين بإطلاقية المنهج التجريبي وصلاحيته اللامتناهية في الكشف عن القوانين الطبيعية، وذلك لأن الظواهر الطبيعية دائمة التحول والتغير، فهناك ظواهر يصعب القبض عليها وإخضاعها لخطوات المنهج التجريبي بصيغته الكلاسيكية وبالأخص تلك الظواهر الميكروسكوبية، وبالتالي من الوهم الاعتقاد أنه منهج مطلق، ثم لأنه مهما بلغت قوة وصلابة المنهج لا يمكنه الاستغناء على كل من التفكير والخيال، لذلك وجب إكمال التجربة المختبرية بالتجربة الذهنية، ليتمكن العالم من بلوغ حقائق دقيقة ويقينية حول الظواهر المدروسة.
تركيب:
واضح إذا أن بناء النظرية العلمية رهين تكامل كل من التجربة المختبرية الواقعية والتجربة الذهنية. وكل ذلك إنما هو لأجل نزع الطابع الأسطوري عن الطبيعة ومعرفة قوانينها لأجل التحكم فيها.