مفهوم الدولة
تقديم
تعتبر الدولة مجموعة من المؤسسات القانونية التي تواضع الناس عليها من أجل تنظيم حياتهم في كافة المجالات. فالدولة إذن تنظيم متشكل من أجهزة متعددة ومتكاملة جميعها من أجل تحقيق هدف واحد وهو تأمين حياة جميع الأفراد دون استثناء، وذلك يعني أنها قد أتت لتجاوز كل مظاهر التسيير التي كانت تنظر الأفراد بناءا على أصولهم الاجتماعية أو العرقية أو اللغوية، ... فالقوانين المنظمة لها لا تعترف بذلك ما دام الأساس الذي وضعت عليه يلزمها بأن تتولى مهمة تدبير شؤون الجميع بشكل محايد.
تتجاذب مفهوم الدولة مجموعة من المفارقات يمكن ذكر بعضها: فالودلة ومن أجل قيامها وضمان استمراريتها لابد لها من أساس تقوم عليه أو مشروعية تعيطها حق الوجود، وكذلك لها غاية لأجلها وجد، تلك المشروعية التي قد تكون مشروعية تعادقية أي نابعة من الجماعة، وبذلك تكون الدولة مجرد وسيلة لتحقيق الإرادة المشتركة للأفراد، كما تكون غايتها خدمة الأفراد بضمان أمنهم وحرياتهم. غير أن الدولة قد تحيد عن ذلك وتعمل على خدمة ذاتها وسلب حريات مواطنيها وبذلك تكون مشروعيتها من ذاتها وغايتها ذاتها. إضافة إلى ذلك وما دام أنه لا يمكن لأي دولة أن تنفلت من ممارسة السلطة فلا وجود لدولة بدون سلطة، من هنا نجد أنفسنا أمام مفارقة مفادها، أن طبيعة السلطة السياسية التي ستعتمدها الدولة قد سلطة مادية كما يمكن أن تكون رمزية، سلطة قوامها القوة والمكر من جهة والرقف والاعتدال من جهة ثانية. ثم إن الدولة التي تمارس سلطة إنما تمارسها على أفراد مختلفين، ولذلك نجد أنفسنا أمام مفارقة هي كالتالي إما أنها ستمارس سلطتها بالاعتماد على القوة والعنف أو أنها ستعتمد القانون أساسا لها. فمن أين تستمد الدولة مشروعيتها وما غايتها؟ ثم ما طبيعة السلطة السياسية؟ وأخيرا كيف تمارس الدولة سلطتها؟.