random

آخر المشاركات

random
جاري التحميل ...

تحليل ومناقشة سؤال فلسفي - نموذج امتحان - وجود الغير


تحليل ومناقشة سؤال فلسفي

السؤال: هل وجود الغير تهديد لوجود الذات؟ 
الفهم:
    يحيل الوضع البشري على مجموع ما يحد الذات الإنسانية في مختلف مستويات الوجود. إنه على حد تعبير جب سارتر "مجموعة من الحدود القبلية التي ترسم الوضعية الأساسية للإنسان". وبمستطاعنا التمييز بين ثلاثة أبعاد رئيسية تطبع الوجود الإنساني. فهناك البعد الذاتي الذي يعد الإنسان بمقتضاه شخصا، وهناك البعد العلائقي الذي يكون الإنسان بموجبه كائنا يحيا مع الغير، ثم هناك البعد التاريخي الذي يعتبر الإنسان بمقتضاه كائنا يتحرك في سياق التاريخ. والسؤال المطروح يتأطر ضمن المجال الإشكالي لمجزوءة الوضع البشري، مادام يدور حول مفهوم الغير، هذا الأخير الذي حيل في معناه الفلسفي على الأنا الذي ليس أنا، إذ يثير مفارقة يمكن صياغة طرفيها على الشكل التالي: فالغير قد يشكل تهديدا للغير وبالتالي تكون الذات في غنى عنه، كما يمكن أن يكون مكملا لها وبالتالي فهي في حاجة إليه، ومن هنا يمكننا صياغة الإشكال الرئيسي الذي يثره السؤال على الشكل التالي: هل وجود الغير تهديد لوجود الذات أم أنه مكل لها وهي في حاجة إليه؟. ثم كيف يشكل الغير تهديدا للذات؟ أليس ذلك ناتج عن نظرة سلبية تجاه الغير؟ ألا نستطيع النظر إلى وجود الغير على نحو إيجابي، وبالتالي يصير ضروريا لوجود الذات من أجل إغناء ذاتها؟ ألا يعتبر حضور الغير ذا أهمية قصوى في إدراك الذات لنفسها؟ 
التحليل:
    يستوقف الناظر في السؤال الذي بين أيدينا جملة من المفاهيم تقتضي الوقوف على دلالتها تمهيدا لمقاربة الإشكال المطروح. وأول هذه المفاهيم مفهوم "الغير" الذي يعني الأنا الذي ليس أنا ولست أنا إياه، يشبهني ويختلف عني. وثانيها مفهوم "الذات" والذي يحيل على الذات المستقلة والمفكر والتي تعتبر هي الأخرى غيرا. وهناك أيضا مفهوم الوجود الذي يشير إلى التحقق العيني للموجود، أو الحضور الفعلي للكائن. وآخرها مفهوم التهديد الذي يدل على معاني التخويف والترويع والتوعد والإنذار بالسوء. وكل هذه المفاهيم بينها رابطة نستشف من خلالها عدم حاجة الذات للغير وأن هذا الأخير يشكل تهديدا لها. 
     إن السؤال قيد التحليل والمناقشة يؤشر على إجابات محتملة، فالأولى مثلا تفيد أن الغير يشكل تهديدا للذات، في الوقت الذي تؤشر الثانية على خلاف ذلك، أي أن الذات في حاجة إلى الغير وأنه يشكل مصدر إغناء لها. ويمكننا أن نجيب انطلاقا من أطروحة مفترضة مفادها أن وجود الغير يشكل تهديدا لوجود الذات، أي أن الذات في غنى عنه، ووجوده غير ضروري لوجودها، وأنها قادرة على إدراك وجودها وتحقيق وعيها بمقوماتها الذاتية دون الحاجة إلى طرف آخر. وذلك لأن وجود الأنا مع الذوات الأخرى ينذرها بفقدان تفردها وحريتها وهويتها الذاتية، فتصير بذلك لا شيء. فالذات تفقد تميزها وخصوصيتها داخل الوجود المشترك مع الغير، فتتحول بذلك من وجود خاص إلى وجود مشترك تتقمص فيه ذات أخرى بل ذوات مختلفة وفي آن واحد أحينا، فالذات مثلا مضطرة لإظهار الطاعة والطيبوبة في المنزل لكن بمجرد الخروج منه تكون مجبرة على تغيير كل ذلك. إضافة إلى ذلك فالحياة الاجتماعية مطبوعة بعدم الاهتمام بالخصوصية الفردية، وتعمل على إلغاء التفرد والتميز عبر وسائل مختلفة من قبيل النبذ والتعنيف أحيانا، الشيء الذي يقوي السمة الاستبدادية لوجود الغير بوصفه وجودا مجهولا غير محدد في شخص معين، كل ما هنالك هو الشعور بقوته الضاغطة والآمرة في كل مكان داعيا الجميع للتعبير عن إرادة الجماعة وعدم مخالفتها، مدعيا أن في ذلك ضمان لوحدة وانسجام الجماعة وقوتها. فالذي يريد مثلا أن يبدع عليه أن يبدع داخل قالب الجماعة ووفق إرادة الأغيار المشكلين له، وإلا كان إبداعه بدون معنى، بل قد يعاقب عليه، ليس لأنه ليس فنا بل لأنه لم يرق/يعجب الأغيار الموجودين مع الذات. إن هذا الغير بهذه المواصفات لا تجد الذات بدا من رفضه وعدم الرغبة فيه بل إنها تراه مهددا لها ولوجودها، الشيء الذي يدفعها للاعتقاد بقدرتها على الاستغناء عنه وتحقيق وعيها بذاتها دون وساطته.
المناقشة: 
     إن الأطروحة السابقة ذات قيمة فكرية وفلسفية حيث أنها كشفت عن مخاوف الذات تجاه الغير الذي قد يجعل وجودها مزيفا وبدون معنى، وذلك من أجل تركيز البعد التحرري والفردي للذات وعدم الهيمنة والتسلط بمبرر الجماعة أو رغبة الأغيار فالذوات أينما وجودوا فلهم ذواتهم المستقلة والحرة، ولهم كذلك خصوصيات وجواهر متفردة لا يجب الإجهاز عنها بأي مبرر كيفما كان. غير أنه يمكن أن نسجل بأن وجود الغير مع الذات ليس دائما وجود سلب وهيمنة وسلطة، بل إنه أحيانا عامل مطلوب ومرغوب من طرف الذات ولو كان سيسلبها حريتها وماهيتها، لأن الوجود الاجتماعي مبني على التكامل، فالذات الواحدة قاصرة على تحقيق كل متطلباتها، وبالتالي فهي في حاجة للانفتاح على غيرها، رغم أنها تعرف مسبقا أن ذلك سيكلفها أغلى ما عندها وهي حريتها. 
    ولتعميق النقاش حول السؤال قيد التحليل والمناقشة ننفتح على آراء ومواقف فلسفية أخرى في أفق تحقيق المعالجة الشاملة للموضوع، فإذا كانت الأطروحة المفترضة تؤكد على أن وجود الغير تهديد لوجود الذات، فالفيلسوف الألماني المعاصر "هايدغر" يعتقد هو الآخر ذلك حيث يرى أن الحياة الاجتماعية المشتركة تتميز بسمة التباعد، فلا وجود لتقارب حميمي بين الذوات، وهو ما يجعل الوجود الخاص للذات محكوما بالغير. فالذات باعتبارها وجودا فرديا متميزا تفقد هويتها عند انخراطها في الحياة الاجتماعية المشتركة، إذ إن الغير ينتزع منها وجودها الذاتي. ويلفت هايدغر النظر إلى أن الغير لا يشير إلى شخص محدد، فيمكن أن يجسده أي فرد، لكنه يتسم بخاصية التحكم في الذات لحظةَ تواجدها مع الآخرين. ويتضاعف هذا التحكم حين تنتمي الذات إلى الغير، بحيث يصبح وجود الذات مماثلا لوجود الآخرين، ويلقي هايدغر الضوء على هذا التماثل بين الذات والغير من خلال ممارستنا لأنشطة يومية متشابهة، من قبيل استعمال وسائل النقل، والاستفادة من خدمات الإعلام. 
   إن ما عبر عنه "هايدغر" أقل مما سيذهب إليه رائد الفلسفة الحديثة "روني ديكارت" حيث سيذهب أبعد من ذلك ليعتبر وجود الغير إنما هو افتراضي. وبالتالي فوجوده ليس ضروريا بالنسبة لوجود الذات، وبالنسبة له الذات هي الوحيدة التي سلمت من الشك وغيرها مشكوك فيه، فهي الحقيقة اليقينية القادرة بما تملكه من مقومات ذاتية من إثبات وجودها دون الاستعانة بأي واسطة. وقد ترجم ديكارت هذه الفكرة من خلال الكوجيطو: "أنا أفكر، إذن أنا موجود". 
    وإذا كان كل من "هايدغر" و "ديكارت" قد ألغو أهمية وجود الغير بالنسبة لوجود الذات، واعتبروا الذات في غنى عن الغير، فإن "هيجل" أقام فلسفة تعطي أهمية ومكانة قوية للغير. ذلك أن الوعي الذي تشكله الذات عن نفسها وفي انغلاق على ذاتها ودون انفتاح على غيرها إنما هو وعي بسيط. إن الوعي الحقيقي للذات إنما هو الوعي الذي ينمو ويخضع للصيرورة، في إطار علاقة الذات بالغير. فحين يكتفي الإنسان بوجوده الطبيعي الشبيه بوجود كائنات الطبيعة، عاملا على إشباع حاجياته الغريزية، فإنه لا يحقق وعيا بذاته، وإنما يقتصر على الإحساس بها. إذ إن الوعي بالذات يقتضي انتزاع الاعتراف بها من الغير. لكن هذا الاعتراف ليس هبة يمنحها الغير للأنا، بل يستلزم الاقتتال والصراع بينهما. وحين يستسلم أحدهما تبرز علاقة جديدة، هي علاقة السيد بالعبد، التي تقوم على التفاوت والتراتب، فهناك سيادة مقابل عبودية، واستقلال مقابل تبعية. ومعنى هذا أن الأنا لا يكتسب وعيا بذاته إلا على حساب الغير في نهاية الصراع بينهما. وبناء على ذلك فإن انبثاق الأنا كوعي بذاته لا يتحقق إلا داخل علاقته بالغير كوعي آخر بالذات. فظهور الأنا متزامن مع ظهور الغير وبذلك يظهر أن وجود الغير ضروري بالنسبة لوجود الذات. 
التركيب:
    انطلاقا مما سبق تحليله ومناقشته يتبين أن وجود الغير بالنسبة للذات إشكال مركب، والدليل على ذلك هو أننا لم نجد جوابا واحدا وبسيطا له، فقد أفضى بنا إلى عدة مواقف مختلفة باختلاف مرجعياتها الفلسفية. فإذا كانت الأطروحة المفترضة و كل من "هايدغر" يقران بتهديد الغير لوجود الذات ما دام يسلبها هويتها ويحرمها من تفردها، فإن "ديكارت" يذهب إلى اعتبار وجود الغير ثانويا بالنسبة للذات، فهو ليس شرطا لإثبات وجود الذات واكتشاف حقيقتها. وفي مقابل ذلك وجدنا أن "هيجل" يرفض القول بتهديد الغير لوجود الذات، ويؤكد بدلا من ذلك أن وجود الغير يتيح للذات الوعي مكتملا بنفسها. غير أنه في الأخير يمكننا القول بأن وجود الغير هو وجود مزدوج فأحيانا تكون الذات في غنى عنه في حالة التهديد والتضييق، غير أنها لا تجد مفرا منه عند عجزها عن الاكتفاء بذاتها، وحين تجد أن وجوده شرط لكمالها المادي والروحي. 


منهجية جاهزة لتحليل نص فلسفي منهجية جاهزة لتحليل سؤال فلسفي منهجية جاهزة منهجية جاهزة لتحليل قولة فلسفية منهجية جاهزة للسؤال الفلسفي منهجية جاهزة تحليل نص فلسفي منهجية جاهزة تحليل سؤال فلسفي منهجية جاهزة لتحليل نص نظري منهجية جاهزة منهجية تحليل نص فلسفي منهجية جاهزة منهجية تحليل سؤال فلسفي تحليل ومناقشة سؤال فلسفي حول الشخص بين الضرورة والحرية تحليل ومناقشة سؤال فلسفي مجزوءة المعرفة تحليل ومناقشة السؤال الفلسفي تحليل ومناقشة نص فلسفي حول الشخص بين الضرورة والحرية تحليل ومناقشة نص فلسفي تحليل ومناقشة نص فلسفي حول الشخص والهوية تحليل ومناقشة نص فلسفي حول الشخص بوصفه قيمة كيفية تحليل ومناقشة سؤال فلسفي نموذج تحليل ومناقشة سؤال فلسفي منهجية تحليل ومناقشة سؤال فلسفي منهجية تحليل ومناقشة سؤال فلسفي pdf منهجية تحليل ومناقشة سؤال فلسفي مفتوح منهجية تحليل ومناقشة السؤال الفلسفي منهجية تحليل ومناقشة السؤال الفلسفي المفتوح مفهوم النظرية والتجربة في الفلسفة مفهوم النظرية والتجربة فلسفيا مفهوم النظرية والتجربة pdf مفهوم النظرية والتجربة المحور الثالث مفهوم النظرية والتجربة الفلسفة مفهوم النظرية والتجربة ملخص مفهوم النظرية والتجربة الشامل ما مفهوم النظرية والتجربة تعريف النظرية والتجربة في الفلسفة معايير علمية النظريات العلمية أينشتاين معايير علمية النظريات العلمية بيير تويليي معايير علمية النظريات العلمية في رحاب الفلسفة معايير علمية النظريات العلمية موقف الفلاسفة معايير علمية النظريات العلمية منهجية السؤال الفلسفي معايير علمية النظريات العلمية تقديم معايير علمية النظريات العلمية تويليي معايير علمية النظريات معايير علمية النظريات العلمية منار الفلسفة معايير علمية النظرية العلمية معايير علمية النظريات العلمية كارل بوبر ما معايير علمية النظريات العلمية ماهي معايير علمية النظريات العلمية ما معايير علمية النظرية العلمية محور معايير علمية النظريات العلمية معايير علمية النظريات العلمية في الفلسفة موقف بيير تويليي من معايير علمية النظريات العلمية منهجية تحليل سؤال فلسفي معايير علمية النظريات العلمية معايير علمية النظرية دروس الفلسفة, مجزوءة المعرفة, مفهوم النظرية والتجربة, التجربة والتجريب, العقلانية العلمية, معايير علمية النظريات العلمية, كلود برنار, روني طوم, إنشتاين, باشلار, كارل بوبر, مواقف فلسفية, تلخيص الفلسفة, امتحان الباك فلسفة, الثانية باكالوريا, نص للتحليل والمناقشة, سؤال للتحليل والمناقشة, قولة للتحليل والمناقشة, المحور الأول, المحور الثاني, موقف كلود برنار, درس النظرية والتجربة في الفلسفة درس النظرية والتجربة للسنة الثانية باكالوريا درس النظرية والتجربة للسنة الثانية باكالوريا علوم درس النظرية والتجربة pdf درس النظرية و التجريب ملخص درس النظرية والتجربة تلخيص درس النظرية والتجربة  موقف فلسفية, تلخيص المواقف, التحليل, المناقشة, التركيب, الفهم,

عن الكاتب

متوكيل محمد

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

التكامل/ ATTAKAMOL